للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد شدد عمر رضي الله عنه النكير على رجلين رفعا أصواتهما في مسجده - صلى الله عليه وسلم - ، وقال: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضربًا.

مسألتان

الأولى: اعلم أن عدم احترام النبي - صلى الله عليه وسلم - المشعر بالغض منه أو تنقيصه - صلى الله عليه وسلم - والاستخفاف به أو الاستهزاء به ردة عن الإِسلام وكفر بالله.

وقد قال تعالى في الذين استهزؤوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وسخروا منه في غزوة تبوك لما ضلت راحلته: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٦٦)}.

المسألة الثانية: وهي من أهم المسائل: اعلم أنه يجب على كل إنسان أن يميز بين حقوق الله تعالى التي هي من خصائص ربوبيته، التي لا يجوز صرفها لغيره، وبين حقوق خلقه، كحق النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ليضع كل شيء في موضعه، على ضوء ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا القرآن العظيم والسنة الصحيحة.

وإذا عرفت ذلك، فاعلم أن من الحقوق الخاصة بالله التي هي من خصائص ربوبيته: التجاء عبده إليه إذا دهمته الكروب التي لا يقدر على كشفها إلا الله.

فالتجاء المضطر الذي أحاطت به الكروب ودهمته الدواهي لا يجوز إلا لله وحده؛ لأنه من خصائص الربوبية، فصرف ذلك الحق لله وإخلاصه له هو عين طاعة الله ومرضاته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومرضاته، وهو عين التوقير والتعظيم للنبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن أعظم أنواع