وقد قال تعالى: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢)} أي غير عادلة، لعدم استواء النصيبين، لفضل الذكر على الأنثى.
وذلك وقعت امرأة عمران في مشكلة لما ولدت مريم، كما قال تعالى عنها:{فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} الآية.
فامرأة عمران تقول:{وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}، وهي صادقة في ذلك بلا شك.
والكفرة وأتباعهم يقولون: إن الذكر والأنثى سواء.
ولا شك عند كل عاقل في صدق هذه السالبة وكذب هذه الموجبة.
وقد أوضحنا في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} وجه الحكمة في جعل الطلاق بيد الرجل، وتفضيل الذكر على الأنثى في الميراث، وتعدد الزوجات، وكون الولد ينسب إلى الرجل، وذكرنا طرفًا من ذلك في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى:{وَلِلرِّجَالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ}، وبينا أن الفوارق الطبيعية بينهما كون الذكورة شرفًا وكمالًا وقوة طبيعية خلقية، وكون الأنوثة بعكس ذلك.
وبينا أن العقلاء جميعًا مطبقون على الاعتراف بذلك، وأن من أوضح الأدلة التي بينها القرآن على ذلك اتفاق العقلاء على أن الأنثى من حين نشأتها تجلى بأنواع الزينة من حلي وحلل، وذلك لجبر النقص الجبلي الخلقي الذي هو الأنوثة، كما قال الشاعر:
وما الحلي إلا زينة من نقيصةٍ ... يتمم من حُسْنٍ إذا الحسن قصَّرا