وقد بينا أن الله أوضح هذا بقوله: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيرُ مُبِينٍ (١٨)}، فأنكر على الكفار أنهم مع ادعاء الولد له تعالى جعلوا له أنقص الولدين وأضعفهما خلقة وجبلة وهو الأنثى، ولذلك نشأت في الحلية من صغرها، لتغطية النقص الذي هو الأنوثة وجبره بالزينة، فهو في الخصام غير مبين؛ لأن الأنثى لضعفها الخلقي الطبيعي لا تقدر أن تبير في الخصام إبانة الفحول الذكور، إذا اهتضمت وظلمت، لضعفها الطبيعي.
وإنكار الله تعالى على الكفار أنهم مع ادعائهم له الولد جعلوا له أنقص الولدين وأضعفهما، كثير في القرآن، كقوله تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) مَا لَكُمْ كَيفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤)}، وقوله: {أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (٤٠)}، وقوله تعالى:{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وأما الذكر فإنه لا ينشأ في الحلية؛ لأن كمال ذكورته وشرفها وقوتها الطبيعية التي لا يحتاج معه إلى التزين بالحلية التي تحتاج إليه الأنثى، لكماله بذكورته ونقصها بأنوثتها.
ومما لا نزاع فيه بين العقلاء أن الذكر والأنثى إذا تعاشرا المعاشرة البشرية الطبيعية التي لا بقاء للبشر دونها، فإن المرأة تتأثر بذلك تأثرًا طبعيًّا كونيًّا قدريًّا مانعًا لها من مزاولة الأعمال، كالحمل والنفاس وما ينشأ عن ذلك من الضعف والمرض والألم، بخلاف الرجل فإنه لا يتأثر بشيء من ذلك.
ومع هذه الفوارق لا يتجرأ على القول بمساواتهما في جميع