للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميادين إلا مكابر في المحسوس، فلا يدعو إلى المساواة بينهما إلا من أعمى الله بصيرته.

وقد قدمنا في الموضعين اللذين أشرنا لهما من هذا الكتاب المبارك ما يكفي المنصف، فأغنى عن إعادته هنا.

• قول تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}.

لما كان قوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} يدل على استواء الناس في الأصل؛ لأن أباهم واحد وأمهم واحدة، وكان في ذلك أكبر زاجر عن التفاخر بالأنساب وتطاول بعض الناس على بعض، بين تعالى أنه جعلهم شعوبًا وقبائل لأجل أن يتعارفوا، أي يعرف بعضهم بعضًا، ويتميز بعضهم عن بعض، لا لأجل أن يفتخر بعضهم على بعض ويتطاول عليه.

وذلك يدل على أن كون بعضهم أفضل من بعض وأكرم منه إنما يكون بسبب آخر غير الأنساب، وقد بين الله ذلك هنا بقوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.

فاتضح من هذا أن الفضل والكرم إنما هو بتقوى الله لا بغيره من الانتساب إلى القبائل، ولقد صدق من قال:

فقد رفع الإِسلام سلمان فارس ... وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب

وقد ذكروا أن سلمان رضي الله عنه كان يقول:

أبي الإِسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم

وهذه الآيات القرآنية، تدل على أن دين الإِسلام دين سماوي صحيح، لا نظر فيه إلى الألوان ولا إلى العناصر، ولا إلى الجهات،