وقال بعضهم: المراد بالحاملات وقرًا: السفن تحمل الأثقال من الناس وأمتعتهم.
ولو قال قائل: إن الحاملات وقرًا الرياح أيضًا لكان وجهه طاهرًا، ودلالة بعض الآيات عليه واضحة؛ لأن الله تعالى صرح بأن الرياح تحمل السحاب الثقال بالماء، وإذا كانت الرياح هي التي تحمل السحاب إلى حيث شاء الله، فنسبة حمل ذلك الوقر إليها أظهر من نسبته إلى السحاب التي هي محمولة للرياح، وذلك في قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَينَ يَدَي رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} الآية.
فقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا} أي حتى إذا حملت الرياح سحابًا ثقالًا، فالإقلال الحمل، وهو مسند إلى الريح. ودلالة هذا على أن الحاملات وقرًا هي الرياح ظاهرة كما ترى.
ويصح شمول الآية لجميع ذلك، وقد قدمنا مرارًا أنه هو الأجود في مثل ذلك، وبينا كلام أهل الأصول فيه، وكلامهم في حمل المشترك على معنييه أو معانيه، في أول سورة النور وغيرها.
والقول بأن الحاملات وقرًا: هي حوامل الأجنة من الإناث، ظاهر السقوط.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (٣)} أكثر أهل العلم على أن المراد بالجاريات يسرًا: السفن تجري في البحر يسرًا، أي جريًا ذا يسر أي سهولة.