محذوف، والوصف بمعنى المصدر، أي إن الذي توعدونه من الجزاء والحساب لصدق لا كذب فيه.
وقال بعض العلماء:(ما) مصدرية، أي إن الوعد بالبعث والجزاء والحساب لصادق.
وقال بعضهم: إن صيغة اسم الفاعل في (لصادق) بمعنى اسم المفعول، أي إن الوعد أو الموعود به لمصدوق فيه لا مكذوب به، ونظير ذلك قوله تعالى:{فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي مرضية.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من صدق ما يوعدونه جاء في آيات كثيرة، كقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ}، وقوله:{إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ}، وقوله تعالى:{لَيسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ}، والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
والمراد بالدين هنا الجزاء، وإن الجزاء يوم القيامة لواقع لا محالة، كما قال تعالى:{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} أي جزاءهم بالعدل والإنصاف، وكقوله تعالى: {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى}.
وقد نزه الله نفسه عن كونه خلق الخلق لا لبعث وجزاء، وبين أن ذلك ظن الكفار، وهددهم على ذلك الظن السيء بالويل من النار، قال تعالى منكرًا على من ظن عدم البعث والجزاء، ومنزهًا نفسه عن أنه خلقهم عبثًا لا لبعث وجزاء: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَينَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعَالى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}، وقال تعالى:{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَينَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}، في قوله في آية ص هذه:(باطلًا) أي عبثًا لا لبعث وجزاء.