للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولا تأثيمَ) كذلك؛ لأنها (لا) التي نفي الجنس، فبنيت معها، وهي إن كانت كذلك نص في العموم.

وقرأه الباقون من السبعة: (لا لغوٌ فيها ولا تأثيم) بالرفع والتنوين؛ لأن لا النافية للجنس إذا تكررت كما هنا جاز إعمالها وإهمالها، والقراءتان في الآية فيهما المثال للوجهين، وإعمالها كثير، ومن شواهد إهمالها قراءة الجمهور في هذه الآية، وقول الشاعر:

وما هجرت حتَّى قلت معلنة ... لا ناقة ليَ في هذا ولا جمل

وقوله: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا} أي يتعاطون، ويتناول بعضهم من بعض (كأسًا) أي خمرًا، فالتنازع يطلق لغة على كل تعاط وتناول، فكل قوم يعطي بعضهم بعضًا شيئًا ويناوله إياه فهم يتنازعونه، كتنازع كؤوس الشراب والكلام، وهذا المعنى معروف في كلام العرب.

ومنه في الشراب قول الأخطل:

وشارب مربح بالكأس نادمني ... لا بالحصور ولا فيها بسوار

نازعتُه طيِّب الراح الشمول وقد ... صاح الدجاج وحانت وقعة السار

فقوله: "نازعته طيِّب الراح" أي ناولته كؤوس الخمر وناولنيها.

ومنه في الكلام قول امرئ القيس:

ولما تنازعنا الحديث وأسمحت ... هصرت بغصن ذي شماريخ ميال

والكأس تطلق على إناء الخمر، ولا تكاد العرب تطلق الكأس إلَّا على الإِناء المملوء، وهي مؤنثة.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (٢٣)} يعني أن خمر الجنَّة التي يتعاطاها المؤمنون فيها، مُخَالفَة في جميع