للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعلم أولًا أن القول بأنه الثريا وأن المراد بالنجم خصوصها، وإن اختاره ابن جرير وروي عن ابن عبَّاس وغير واحد، ليس بوجيه عندي.

والأظهر أن النجم يراد به النجوم، وإن قال ابن جرير لأنه لا يصح، والدليل على ذلك جمعه تعالى للنجوم في القسم في قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (٧٥)}، لأن الظاهر أن المراد بالنجم إذا هوى - هنا - ، كالمراد بمواقع النجوم في الواقعة.

وقد اختلف العلماء أيضًا في المراد بمواقع النجوم، فقال بعضهم: هي مساقطها إذا غابت. وقال بعضهم: انتثارها يوم القيامة. وقال بعضهم: منازلها في السماء، لأن النازل في محل واقع فيه. وقال بعضهم: هي مواقع نجوم القرآن النازل بها الملك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر الأقوال عندي وأقربها للصواب في نظري، أن المراد بالنجم إذا هوى هنا في هذه السورة، وبمواقع النجوم في الواقعة، هو نجوم القرآن التي نزل بها الملك نجمًا فنجمًا، وذلك لأمرين.

أحدهما: أن هذا الذي أقسم الله عليه بالنجم إذا هوى، الذي هو أن النبي صلى الله عليه وسلم على حق، وأنه ما ضل وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلَّا وحي يوحى، موافق في المعنى لما أقسم عليه بمواقع النجوم، وهو قوله: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨)} إلى قوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالمِينَ (٨٠)}.