وأوضح تعالى أن من كذب بعضهم فقد كذب جميعهم في قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَينَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} الآية، وأشار إلى ذلك في قوله:{لَا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}، وقوله:{لَا نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}، وقوله تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَينَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ} الآية.
وقد أوضح تعالى في سورة الشعراء أن تكذيب رسول واحد تكذيب لجميع الرسل، وذلك في قوله: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (١٠٥)}، ثم بين أن تكذيبهم للمرسلين إنما وقع بتكذيبهم نوحًا وحده، حيث أفرده بذلك بقوله: {إِذْ قَال لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٠٦)} إلى قوله: {قَال رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (١١٧)}، وقوله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣)}، ثم بين أن ذلك بتكذيب هود وحده، حيثما أفرده بقوله: {إِذْ قَال لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ (١٢٤)}، ونحو ذلك في قوله تعالى في قصة صالح وقومه، ولوط وقومه، وشعيب وأصحاب الأيكة، كما هو معلوم، وهو واضح لا خفاء فيه، ويزيده إيضاحًا قوله - صلى الله عليه وسلم - :"إنا معاشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد" يعني أنهم كلهم متفقون في الأصول وإن اختلفت شرائعهم في بعض الفروع.
وأما الأمر الثاني: وهو كون فرعون وقومه كذبوا بآيات الله، فقد جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ