للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى النفي، فيتسلط النفي الكامن فيها على النفي الصريح في (لم) فينفيه، ونفي النفي إثبات، فيرجع المعنى إلى الماضي المثبت. وعليه، فالمعنى: (ألم يأن للذين) أي آن للذين آمنوا.

والوجه الثاني: أن الاستفهام في جميع ذلك التقرير، وهو حمل المخاطب على أن يقر فيقول: بلى.

وقوله: (يأن) هو مضارع أنى يأنى إذا جاء إناه أي وقته، ومنه قول كعب بن مالك رضي الله عنه:

ولقد أنى لك أن تناهى طائعًا ... أو تستفيق إذا نهاك المرشد

فقوله: "أنى لك أن تناهي طائعًا" أي جاء الإِناه الذي هو الوقت الذي تتناهى فيه طائعًا، أي حضر وقت تناهيك.

ويقال في العربية: آن يئين، كباع يبيع، وأنى يأني كرمى يرمي، وقد جمع اللغتين قول الشاعر:

ألما يئن لي أن تجلى عمايتي ... وأقصر عن ليلى بلى قد أنى ليا

والمعنى على كلا القولين: أنه حان للمؤمنين، وأَنَى لهم أن تخشع قلوبهم لذكر الله، أي جاء الحين والأوان لذلك، لكثرة ما تردد عليهم من زواجر القرآن ومواعظه.

وقوله تعالى: {أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} المصدر المنسبك من أن وصلتها في محل رفع فاعل بأن.

والخشوع أصله في اللغة السكون والطمأنينة والانخفاض، ومنه قول نابغة ذبيان:

رماد ككحل العين لأيا أبينه ... ونؤي كجذم الحوض أثلم خاشع

فقوله: "خاشع" أي منخفض مطمئن.