وقال الزجاج: إن الله تعالى خلق الأنعام لتركب وتؤكل فحرموها على أنفسهم، وجعل الشمس والقمر والحجارة مسخرة للناس، فجعلوها آلهة يعبدونها، فقد غيروا ما خلق الله.
وما روى عن طاووس -رحمه الله- من أنه كان لا يحضر نكاح سوداء بأبيض، ولا بيضاء بأسود، ويقول: هذا من قول الله تعالى "فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ" فهو مردود بأن اللفظ وإن كان يحتمله فقد دلت السنة على أنه غير مراد بالآية، فمن ذلك إنفاذه - صلى الله عليه وسلم - نكاح مولاه زيد بن حارثة رضي الله عنه، وكان أبيض بظئره بركة أم أسامة، وكانت حبشية سوداء، ومن ذلك إنكاحه - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد فاطمة بنت قيس وكانت بيضاء قرشية وأسامة أسود، وكانت تحت بلال أخت عبد الرحمن بن عوف من بني زهرة بن كلاب، وقد سها طاووس -رحمه الله- مع علمه وجلالته عن هذا.
قال مقيده - عفا الله عنه -: ويشبه قول طاووس هذا في هذه الآية ما قال بعض علماء المالكية من أن السوداء تزوج بولاية المسلمين العامة، بناء على أن مالكا يجيز تزويج الدنية بولاية عامة المسلمين إن لم يكن لها ولي خاص مجبر. قالوا: والسوداء دنية مطلقا؛ لأن السواد شوه في الخلقة، وهذا القول مردود عند المحققين من العلماء، والحق أن السوداء قد تكون شريفة، وقد تكون جميلة، وقد قال بعض الأدباء:
وسوداء الأديم تريك وجها ... ترى ماء النعيم جرى عليه