الثاني: أن العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض ضعفه غير واحد من علماء العربية، وأجازه ابن مالك مستدلا بقراءة حمزة "والأرحام" بالخفض عطفا على الضمير من قوله: {تَسَاءَلُونَ بِهِ} وبوروده في الشعر كقوله:
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب
بجر الأيام عطفا على الكاف، ونظيره قول الآخر:
نعلق في السواري سيوفنا ... وما بينها والكعب مهوى نفانف
بجر الكعب معطوفا على الضمير قبله، وقول الآخر:
وقد رام آفاق السماء فلم يجد ... له مصعدا فيها ولا الأرض مقعدا
فقوله: ولا الأرض بالجر معطوفا على الضمير، وقول الآخر:
أمر على الكتيبة لست أدري ... أحتفي كان فيها أم سواها
فسواها في محل جر بالعطف على الضمير.
وأجيب عن الآية بجواز كونها قسما، والله تعالى له أن يقسم بما شاء من خلقه، كما أقسم بمخلوقاته كلها في قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (٣٨) وَمَا لا تُبْصِرُونَ (٣٩) الآية.
وعن الأبيات بأنها شذوذ يحفظ ولا يقاس عليه.
وصحح العلامة ابن القيم -رحمه الله- جواز العطف على الضمير المخفوض من غير إعادة الخافض، وجعل منه قوله تعالى: {حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٤)} فقال: إن قوله: {وَمَنِ}