ودلت عليه نصوص الشرع أن كل ما ذكر لنا في كتابنا، وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، مما كان شرعاً لمن قبلنا أنه كان شرعاً لنا، من حيث إنه وارد في كتابنا، أو سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، لا من حيث إنه كان شرعاً لمن قبلنا؛ لأنه ما قص علينا في شرعنا إلا لنعتبر به، ونعمل بما تضمن.
والنصوص الدالة على هذا كثيرة جداً، ولأجل هذا أمر الله في القرآن العظيم في غير ما آية بالاعتبار بأحوالهم، ووبخ من لم يعقل ذلك، كما في قوله تعالى في قوم لوط: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨)}.
ففي قوله: {وَبِاللَّيلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨)}؟ توبيخ لمن مر بديارهم، ولم يعتبر بما وقع لهم ويعقل ذلك ليجتنب الوقوع في مثله، وكقوله تعالى:{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}، ثم هدد الكفار بمثل ذلك، فقال: {وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (١٠)}.
وقال في حجارة قوم لوط التي أهلكوا بها، أو ديارهم التي أهلكوا فيها: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)}، وهو تهديد عظيم منه تعالى لمن لم يعتبر بحالهم، فيجتنب ارتكاب ما هلكوا بسببه، وأمثال ذلك كثير في القرآن.
وقال تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}، فصرح بأنه يقص قصصهم في القرآن للعبرة، وهو دليل واضح لما ذكرنا، ولما ذكر الله تعالى من ذكر الأنبياء في سورة الأنعام، قال لنبينا - صلى الله عليه وسلم -: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، وأمر - صلى الله عليه وسلم - أمر لنا؟ لأنه قدوتنا، ولأن الله تعالى يقول:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الآية، ويقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ