التي لم تكن سببية تلزم مطابقتها لصاحبها إفراداً وجمعاً وثنية، وتأنيثاً وتذكيراً، فلا يجوز أن تقول: جاء زيد ضاحكين، ولا جاءت هند ضاحكات.
وأما آية الأحزاب فقوله تعالى في قصة زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها:{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا}، فإن هذا الخطاب خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد صرح تعالى بشمول حكمه لجميع المؤمنين في قوله:{لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} الآية، وأشار إلى هذا أيضاً في الأحزاب بقوله:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} لأن الخطاب الخاص به - صلى الله عليه وسلم - في قوله:{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} الآية، لو كان حكمه خاصاً به - صلى الله عليه وسلم - لأغنى ذلك عن قوله:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} كما هو ظاهر، وقد ردت عائشة رضي الله عنها على من زعم أن تخيير الزوجة طلاق، بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خير نساءه فاخترنه، فلم يعده طلاقاً مع أن الخطاب في ذلك خاص به - صلى الله عليه وسلم -، في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ} الآيتين. وأخذ مالك رحمه الله بينونة الزوجة بالردة من قوله:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} وهو خطاب خاص به - صلى الله عليه وسلم -.
وحاصل تحرير المقام في مسألة "شرع من قبلنا" أن لها واسطة وطرفين، طرف يكون فيه شرعاً لنا إجماعاً، وهو ما ثبت بشرعنا أنه كان شرعاً لمن قبلنا، ثم بين لنا في شرعنا أنه شرع لنا، كالقصاص، فإنه ثبت بشرعنا أنه كان شرعاً لمن قبلنا في قوله تعالى:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية، وبين لنا في شرعنا أنه مشروع لنا في قوله:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}،