وأما الخطاب الخاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في نحو قوله:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فقد دلت النصوص على شمول حكمه للأمة، كما في قوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الآية. إلى غيرها مما تقدم من الآيات.
وقد علمنا ذلك من استقراء القرآن العظيم حيث يعبر فيه دائماً بالصيغة الخاصة به - صلى الله عليه وسلم -، ثم يشير إلى أن المراد عموم حكم الخطاب للأمة، كقوله في أول سورة الطلاق:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} ثم قال: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} الآية، فدل على دخول الكل حكماً تحت قوله:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} وقال في سورة التحريم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} فدل على عموم حكم الخطاب بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، ونظير ذلك أيضاً في سورة الأحزاب في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٢)} فقوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ} يدل على عموم الخطاب بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} وكقوله: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ} ثم قال: {وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً} الآية.
ومن أصرح الأدلة في ذلك آية الروم، وآية الأحزاب.
أما آية الروم فقوله تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً} ثم قال: { * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} وهو حال من ضمير الفاعل المستتر، المخاطب به النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ} الآية. وتقرير المعنى: فأقم وجهك يا نبي الله في حال كونكم منيبين، فلو لم تدخل الأمة حكماً في الخطاب الخاص به - صلى الله عليه وسلم - لقال: منيباً إليه بالإفراد، لإجماع أهل اللسان العربي على أن الحال الحقيقية، أعني