للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: أما حمل الهدى في آية: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} والدين في آية: { * شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} على خصوص التوحيد دون الفروع العملية، فهو غير مسلم.

أما الأول: فلما أخرجه البخاري في صحيحه، في تفسير سورة ص، عن مجاهد "أنه سأل ابن عباس: من أين أخذت السجدة في ص، فقال: أوما تقرأ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ} {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فسجدها داود فسجدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

فهذا نص صحيح صريح عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدخل سجود التلاوة في الهدى في قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ومعلوم أن سجود التلاوة فرع من الفروع، لا أصل من الأصول.

وأما الثاني: فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرح في حديث جبريل الصحيح المشهور أن اسم "الدين" يتناول الإسلام، والإيمان، والإحسان حيث قال: "هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" وقال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ} وقال: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً}. الآية.

وصرح - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المذكور بأن الإسلام يشمل الأمور العملية، كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج. وفي حديث ابن عمر المتفق عليه: "بني الإسلام على خمس" الحديث ولم يقل أحد إن الإسلام هو خصوص العقائد، دون الأمور العملية، فدل على أن الدين لا يختص بذلك في قوله: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} الآية، وهو ظاهر جداً؛ لأن خير ما يفسر به القرآن هو كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.