هنا أوجب مالك حد الخمر على من أستنكه فشم في فيه ريح الخمر؛ لأن ريحها في فيه قرينة على شربه إياها.
وأجاز العلماء للرجل يتزوج المرأة من غير أن يراها، فتزفها إليه ولائد -لا يثبت بقولهن أمر- أن يجامعها من غير بينة على عينها أنها فلانة بنت فلان التي وقع عليها العقد اعتماداً على القرينة، وتنزيلاً لها منزلة البينة، وكذلك الضيف ينزل بساحة قوم فيأتيه الصبي، أو الوليدة بطعام، فيباح له أكله من غير بينة تشهد على إذن أهل الطعام له في الأكل اعتماداً على القرينة.
وأخذ المالكية وغيرهم إبطال القرينة بقرينة أقوى منها من أن أولاد يعقوب لما جعلوا يوسف في غيابة الجب، جعلوا على قميصه دم سخلة، ليكون الدم على قميصه قرينة على صدقهم في أنه أكله الذئب، فأبطلها يعقوب بقرينة أقوى منها، وهي عدم شق القميص فقال: سبحان الله متى كان الذئب حليماً كيساً يقتل يوسف، ولا يشق قميصه؟ كما بينه تعالى بقوله {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (١٨)}.
وأخذ المالكية ضمان العزم من قوله تعالى في قصة يوسف وإخوته: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (٧٢)}.
وأخذ بعض الشافعية ضمان الوجه المعروف بالكفالة من قوله تعالى في قصة يعقوب وبنيه:{لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}.