وأخذ المالكية تلوم القاضي للخصوم ثلاثة أيام بعد انقضاء الآجال من قوله تعالى في قصة صالح:{فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ}.
وأخذوا وجوب الإعذار إلى الخصم الذي توجه إليه الحكم:"أبقيت لك حجة؟ " ونحو ذلك من قوله تعالى في قصة سليمان مع الهدهد: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}.
وأخذ الحنابلة جواز طول مدة الإجارة من قوله تعالى في قصة موسى، وصهره شعيب، أو غيره:{إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ} الآية، وأمثال هذا كثيرة جداً.
وقوله تعالى:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} لا يخالف ما ذكرنا؛ لأن المراد به أن بعض الشرائع تنسخ فيها أحكام كانت مشروعة قبل ذلك، ويجدد فيها تشريع أحكام لم تكن مشروعة قبل ذلك.
وبهذا الاعتبار يكون لكل شرعة منهاج من غير مخالفة لما ذكرنا، وهذا ظاهر، فبهذا يتضح لك الجواب عن السؤال الأول، وتعلم أن ما تضمنته آية:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية مشروع لهذه الأمة، وأن الرجل يقتل بالمرأة، كالعكس على التحقيق الذي لا شك فيه، وكأن القائل بعدم القصاص بينهما يتشبث بمفهوم قوله:{وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} وسترى تحقيق المقام فيه إن شاء الله قريباً.
والجواب عن السؤال الثاني -الذي هو لم لا يخصص عموم النفس بالنفس بالتفصيل المذكور في قوله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ