بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}؟ -هو ما تقرر في الأصول من أن مفهوم المخالفة إذا كان محتملاً لمعنى آخر غير مخالفته لحكم المنطوق يمنعه ذلك من الاعتبار.
قال صاحب [جمع الجوامع] في الكلام على مفهوم المخالفة: وشرطه ألا يكون المسكوت ترك لخوف ونحوه، إلى أن قال .... : أو غيره مما يقتضي التخصيص بالذكر.
فإذا علمت ذلك، فاعلم أن قوله تعالى:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} يدل على قتل الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، ولم يتعرض لقتل الأنثى بالذكر، أو العبد بالحر، لعكسه بالمنطوق.
ومفهوم مخالفته هنا غير معتبر؛ لأن سبب نزول الآية أن قبيلتين من العرب اقتتلتا، فقالت إحداهما: نقتل بعبدنا فلان بن فلان، وبأمتنا فلانة بنت فلانة تطاولا منهم عليهم، وزعماً أن العبد منهم بمنزلة الحر من أولئك، وأن أنثاهم أيضاً بمنزلة الرجل من الآخرين تطاولاً عليهم، وإظهاراً لشرفهم عليهم. ذكر معنى هذا القرطبي، عن الشعبي، وقتادة.
وروى ابن أبي حاتم نحوه عن سعيد بن جبير. نقله عنه ابن كثير في تفسيره، والسيوطي في أسباب النزول، وذكر ابن كثير أنها نزلت في قريظة والنضير؛ لأنهم كان بينهم قتال، وبنو النضير يتطاولون على بني قريظة.
فالجميع متفق على أن سبب نزولها أن قوماً يتطاولون على