للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهيعة، ومعلوم أنه خلط بعد احتراق كتبه، ولا يحتج به. وهذا الحديث ليس راويه عنه ابن المبارك، ولا ابن وهب؛ لأن روايتهما عنه أعدل من رواية غيرهما. وابن جرير نفسه يرى عدم صحة هذا الحديث الذي ساقه؛ لأنه قال في سوقه للحديث المذكور: وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتصحيح ما قلنا في ذلك بما في إسناده نظر، وذلك ما حدثنا به علي بن سهل، حدثنا الوليد بن مسلم. إلى آخر الإسناد الذي قدمنا آنفاً، وذكرنا معه محل الغرض من المتن. ولكن هذا الحديث وإن كان ضعيفاً فإنه يقوي هذا القول الذي عليه أكثر أهل العلم، ونسبه ابن كثير للجمهور.

واعلم أن الصلب المذكور في قوله: {أَوْ يُصَلَّبُوا} اختلف فيه العلماء، فقيل: يصلب حياً، ويمنع من الشراب، والطعام، حتى يموت، وقيل: يصلب حياً، ثم يقتل برمح، ونحوه، مصلوباً، وقيل: يقتل أولاً، ثم يصلب بعد القتل، وقيل: ينزل بعد ثلاثة أيام، وقيل: يترك حتى يسيل صديده، والظاهر أنه يصلب بعد القتل زمناً يحصل فيه اشتهار ذلك؛ لأن صلبه ردع لغيره.

وكذلك قوله: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} اختلف العلماء في المراد بالنفي فيه أيضاً، فقال بعضهم: معناه أن يطلبوا حتى يقدر عليهم، فيقام عليهم الحد، أو يهربوا من دار الإسلام، وهذا القول رواه ابن جرير، عن ابن عباس، وأنس بن مالك، وسعيد بن جبير، والضحاك، والربيع بن أنس، والزهري، والليث بن سعد، ومالك بن أنس.

وقال آخرون: هو أن ينفوا من بلدهم إلى بلد آخر، أو