للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة الثانية: لا تجوز ذكاة المحرم للصيد بأن يذبحه مثلاً، فإن ذبحه فهو ميتة لا يحل أكله لأحد كائناً من كان، إذ لا فرق بين قتله بالعقر، وقتله بالذبح، لعموم قوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} وبهذا قال مالك وأصحابه كما نقله عنهم القرطبي وغيره، وبه قال الحسن، والقاسم، وسالم، والأوزاعي، وإسحاق وأصحاب الرأي، والشافعي في أحد قوليه، وقال الحكم والثوري، وأبو ثور: لا بأس بأكله، قال ابن المنذر: هو بمنزلة ذبيحة السارق، وقال عمرو بن دينار وأيوب السختياني: يأكله الحلال، وهو أحد قولي الشافعي، كما نقله عنهم ابن قدامة في المغني، وغيره.

واحتج أهل هذا القول بأن من أباحت ذكاته غير الصيد أباحت الصيد كالحلال. والظاهر هو ما تقدم من أن ذبح المحرم لا يحل الصيد، ولا يعتبر ذكاة له؛ لأن قتل الصيد حرام عليه، ولأن ذكاته لا تحل له هو أكله إجماعاً، وإذا كان الذبح لا يفيد الحل للذابح فأولى وأحرى ألا يفيد لغيره؛ لأن الفرع تبع للأصل في أحكامه، فلا يصح أن يثبت له ما لا يثبت لأصله، قاله القرطبي، وهو ظاهر.

المسألة الثالثة: الحيوان البري ثلاثة أقسام: قسم هو صيد إجماعاً، وهو ما كالغزال من كل وحشي حلال الأكل، فيمنع قتله للمحرم، وإن قتله فعليه الجزاء، وقسم ليس له بصيد إجماعاً، ولا بأس بقتله، وقسم اختلف فيه.

أما القسم الذي لا بأس بقتله، وليس بصيد إجماعاً فهو الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور، وأما