شرط مسلم لا يخلو من نظر، وقد ذكر مسلم في مقدمة صحيحه أن من أخرج حديثهم في غير الشواهد والمتابعات أقل أحوالهم قبول الرواية، فيزيد بن أبي زياد عند مسلم مقبول الرواية، وإليه الإشارة بقول العراقي في ألفيته:
فاحتاج أن ينزل في الإسناد ... إلى يزيد بن أبي زياد
الوجه الثاني: أنا لو فرضنا ضعف هذا الحديث فإنه يقويه ما ثبت من الأحاديث المتفق عليها من جواز قتل الكلب العقور في الإحرام وفي الحرم، والسبع العادي إما أن يدخل في المراد به، أو يلحق به إلحاقاً صحيحًا لا مراء فيه. وما ذكره الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- من أن الكلب العقور يلحق به الذئب فقط؛ لأنه أشبه به من غيره لا يظهر؛ لأنه لا شك في أن فتك الأسد والنمر مثلاً أشد من عقر الكلب والذئب، وليس من الواضح أن يباح قتل ضعيف الضرر، ويمنع قتل قويه؛ لأن فيه علة الحكم وزيادة، وهذا النوع من الإلحاق من دلالة اللفظ عند أكثر أهل الأصول، لا من القياس، خلافاً للشافعي وقوم، كما قدمنا في سورة النساء.
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية ما نصه: قلت: العجب من أبي حنيفة -رحمه الله- يحمل التراب على البر بعلة الكيل، ولا يحمل السباع العادية على الكلب بعلة الفسق، والعقر، كما فعل مالك، والشافعي، رحمهما الله.
واعلم أن الصيد عند الشافعي هو مأكول اللحم فقط، فلا شيء عنده في قتل ما لم يؤكل لحمه والصغار منه، والكبار عند سواه إلا المتولد من بين مأكول اللحم، وغير مأكوله، فلا يجوز