اصطياده عنده وإن كان يحرم أكله، كالسمع، وهو المتولد من بين الذئب والضبع. وقال: ليس في الرخمة والخنافس، والقردان والحلم، وما لا يأكل لحمه شيء؛ لأن هذا ليس من الصيد، لقوله تعالى:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} فدل أن الصيد الذي حرم عليهم هو ما كان حلالاً لهم قبل الإحرام. وهذا هو مذهب الإمام أحمد.
أما مالك -رحمه الله- فذهب إلى أن كل ما لا يعدو من السباع، كالهر والثعلب، والضبع، وما أشبهها لا يجوز قتله، فإن قتله فداه، قال: وصغار الذئاب لا أرى أن يقتلها المحرم، فإن قتلها فداها، وهي مثل فراخ الغربان.
قال مقيده - عفا الله عنه -: أما الضبع فليست مثل ما ذكر معها، لورود النص فيها، دون غيرها بأنها صيد يلزم فيه الجزاء، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ولم يجز مالك للمحرم قتل الزنبور، وكذلك النمل والذباب والبراغيث، وقال: إن قتلها محرم يطعم شيئاً، وثبت عن عمر رضي الله عنه إباحة قتل الزنبور؛ وبعض العلماء شبهه بالعقرب، وبعضهم يقول: إذا ابتدأ بالأذى جاز قتله؛ وإلا فلا؛ وأقيسها ما ثبت عن عمر بن الخطاب؛ لأنه مما طبيعته أن يؤذي. وقد قدمنا عن الشافعي، وأحمد، وغيرهم: أنه لا شيء في غير الصيد المأكول؛ وهو ظاهر القرآن العظيم.
المسألة الرابعة: أجمع العلماء على أن المحرم إذا صاد الصيد المحرم عليه فعليه جزاؤه؛ كما هو صريح قوله تعالى: