اعلم أولاً أن المراد بقوله:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً} أنه متعمد قتله، ذاكر إحرامه، كما هو صريح الآية، وقول عامة العلماء.
وما فسره به مجاهد: من أن المراد أنه متعمد لقتله ناس لإحرامه مستدلاً بقوله تعالى بعده: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} قال: لو كان ذاكراً لإحرامه لوجبت عليه العقوبة لأول مرة. وقال: إن كان ذاكراً لإحرامه فقد بطل حجه، لارتكابه محظور الإحرام غير صحيح، ولا ظاهر لمخالفته ظاهر القرآن بلا دليل، ولأن قوله تعالى:{لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} يدل على أنه متعمد ارتكاب المحظور، والناسي للإحرام غير متعمد محظوراً.
إذا علمت ذلك فاعلم أن قاتل الصيد متعمداً عالماً بإحرامه عليه الجزاء المذكور في الآية بنص القرآن العظيم، وهو قول عامة العلماء خلافاً لمجاهد، ولم يذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة حكم الناسي والمخطىء.
والفرق بينهما: أن الناسي هو من يقصد قتل الصيد ناسياً إحرامه، والمخطىء هو من يرمي غير الصيد، كما لو رمى غرضاً فيقتل الصيد من غير قصد لقتله.
ولا خلاف بين العلماء أنهما لا أثم عليهما، لقوله تعالى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} الآية. ولما قدمنا في صحيح مسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ: {رَبَّنَا لا