للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودليل الجمهور على أن المراد بالمثل من النعم المشابهة للصيد في الخلقة والصورة منها قوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} الآية، فالمثل يقتضي بظاهره المثل الخلقي الصوري دون المعني، ثم قال: {مِنَ النَّعَمِ} فصرح ببيان جنس المثل، ثم قال: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وضمير "بِهِ" راجع إلى المثل مِنَ النَّعَمِ؛ لأنه لم يتقدم ذكر لسواه حتى يرجع إليه الضمير.

ثم قال: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} والذي يتصور أن يكون هدياً مثل المقتول من النعم، فأما القيمة فلا يتصور أن تكون هدياً، ولا جرى لها ذكر في نفس الآية، وادعاء أن المراد شراء الهدي بها بعيد من ظاهر الآية، فاتضح أن المراد مثل من النعم.

وقوله: لو كان الشبه الخلقي معتبراً لما أوقفه على عدلين.

أجيب عنه بأن اعتبار العدلين إنما وجب للنظر في حال الصيد من كبر وصغر، ومالا جنس له مما له جنس، وإلحاق ما لم يقع عليه نص بما وقع عليه النص. قاله القرطبي.

قال مقيده - عفا الله عنه -: المراد بالمثلية في الآية التقريب، وإذاً فنوع المماثلة قد يكون خفياً لا يطلع عليه إلا أهل المعرفة والفطنة التامة، ككون الشاة مثلاً للحمامة؛ لمشابهتها لها في عب الماء والهدير.

وإذا عرفت التحقيق في الجزاء بالمثل من النعم فاعلم أن قاتل الصيد مخير بينه، وبين الإطعام، والصيام، كما هو صريح الآية الكريمة؛ لأن "أَوْ" حرف تخيير، وقد قال تعالى: {أَوْ كَفَّارَةٌ