للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} وعليه جمهور العلماء.

فإن اختار جزاء بالمثل من النعم، وجب ذبحه في الحرم خاصة؛ لأنه حق لمساكين الحرم، ولا يجزىء في غيره كما نص عليه تعالى بقوله: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} والمراد الحرم كله، كقوله: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣)} مع أن المنحر الأكبر مني، وإن اختار الطعام، فقال مالك: أحسن ما سمعت فيه، أنه يقوم الصيد بالطعام، فيطعم كل مسكين مداً، أو يصوم مكان كل مد يوماً.

وقال ابن القاسم عنه: إن قوم الصيد بالدراهم، ثم قوم الدراهم بالطعام، أجزأه. والصواب الأول، فإن بقي أقل من مد تصدق به عند بعض العلماء، وتممه مداً كاملاً عند بعض آخر، أما إذا صام، فإنه يكمل اليوم المنكسر بلا خوف.

وقال الشافعي: إذا اختار الإطعام، أو الصيام، فلا يقوم الصيد الذي له مثل، وإنما يقوم مثله من النعم بالدراهم، ثم تقوم الدراهم بالطعام، فيطعم كل مسكين مداً، أو يصوم عن كل مد يوماً، ويتمم المنكسر.

والتحقيق أن الخيار لقاتل الصيد الذي هو دافع الجزاء، وقال بعض العلماء: الخيار للعدلين الحكمين، وقال بعضهم: ينبغي للحَكَمَين إذا حكما بالمثل أن يخيرا قاتل الصيد بين الثلاثة المذكورة، وقال بعض العلماء: إذا حكما بالمثل لزمه، والقرآن صريح في أنه لا يلزمه المثل من النعم، إلا إذا اختاره على الإطعام والصوم، للتخيير المنصوص عليه بحرف التخيير في الآية.