الثاني: أنه مخالف لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يعضد شوكه" والقياس المخالف للنص فاسد الاعتبار. قال في [مراقي السعود]:
والخلف للنص أو إجماع دعا ... فساد الاعتبار كل من وعى
وفساد الاعتبار قادح مبطل للدليل، كما تقرر في الأصول. واختلف في قطع اليابس من الشجر، والحشيش، فأجازه بعض العلماء، وهو مذهب الشافعي وأحمد؛ لأنه كالصيد الميت لا شيء على من قده نصفين؛ وهو ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يختلى خلاه"؛ لأن الخلا هو الرطب من النبات، فيفهم منه أنه لا بأس بقطع اليابس.
وقال بعض العلماء: لا يجوز قطع اليابس منه، واستدلوا له بأن استثناء الإذخر إشارة إلى تحريم اليابس، وبأن في بعض طرق حديث أبي هريرة: ولا يحتش حشيشها، والحشيش في اللغة: اليابس من العشب، ولا شك أن تركه أحوط.
واختلف أيضاً في جواز ترك البهائم ترعى فيه، فمنعه أبو حنيفة، وروي نحوه عن مالك، وفيه عن أحمد روايتان، ومذهب الشافعي جوازه، واحتج من منعه بأن ما حرم اتلافه لم يجز أن يرسل عليه ما يتلفه كالصيد، واحتج من أجازه بأمرين:
الأول: حديث ابن عباس قال: "أقبلت راكباً على أتان، فوجدت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فدخلت في الصف وأرسلت الأتان ترتع" متفق عليه، ومنى من الحرم.
الثاني: أن الهدي كان يدخل الحرم بكثرة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -،