فإذا عرفت هذا ظهر لك أن حجة الجمهور في إباحة صيد وج، وشجرة كون الحديث لم يثبت، والأصل براءة الذمة، ووج -بفتح الواو، وتشديد الجيم- أرض بالطائف. وقال بعض العلماء: هو واد بصحراء الطائف، وليس المراد به نفس بلدة الطائف. وقيل: هو كل أرض الطائف، وقيل: هو اسم لحصون الطائف، وقيل: لواحد منها. وربما التبس وج المذكور بوح -بالحاء المهملة- وهي ناحية نعمان.
فإذا عرفت حكم صيد المحرم، وحكم صيد مكة، والمدينة، ووج مما ذكرنا فاعلم أن الصيد المحرم إذا كان بعض قوائمه في الحل، وبعضها في الحرم، أو كان على غصن ممتد في الحل، وأصل شجرته في الحرم، فاصطياده حرام على التحقيق تغليباً لجانب حرمة الحرم فيهما.
أما إذا كان أصل الشجرة في الحل، وأغصانها ممتدة في الحرم، فاصطاد طيراً واقعاً على الأغصان الممتدة في الحرم فلا إشكال في أنه مصطاد في الحرم، لكون الطير في هواء الحرم.
واعلم أن ما ادعاه الحنفية من أن أحاديث تحديد حرم المدينة مضطربة؛ لأنه وقع في بعض الروايات باللابتين، وفي بعضها بالحرتين، وفي بعضها بالجبلين، وفي بعضها بالمأزمين، وفي بعضها عير وثور = غير صحيح، لظهور الجمع بكل وضوح؛ لأن اللابتين هما الحرتان المعروفتان، وهما حجارة سود على جوانب المدينة والجبلان هما المأزمان، وهما عير وثور، والمدينة بين