الأول: أن المعنى وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ، أي: وهو الإله المعبود في السماوات والأرض؛ لأنه جل وعلا هو المعبود وحده بحق في الأرض والسماء، وعلى هذا فجملة "يَعْلَمُ" حال، أو خبره، وهذا المعنى يبينه ويشهد له قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} أي: وهو المعبود في السماء والأرض بحق، ولا عبرة بعبادة الكافرين غيره؛ لأنها وبال عليهم يخلدون بها في النار الخلود الأبدي، ومعبوداتهم ليست شركاء لله سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} {وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٦٦)}.
وهذا القول في الآية أظهر الأقوال، واختاره القرطبي.
الوجه الثاني: أن قوله: {فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ} يتعلق بقوله: {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ} أي: وهو الله يعلم سركم في السماوات وفي الأرض؛ ويبين هذا القول ويشهد له قوله تعالى {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية.
قال النحاس: وهذا القول من أحسن ما قيل في الآية. نقله عنه القرطبي.
الوجه الثالث: وهو اختيار ابن جرير، أن الوقف تام على قوله في:{السَّمَاوَاتِ} وقوله: {وَفِي الْأَرْضِ} يتعلق بما بعده، أي: يعلم سركم وجهركم في الأرض. ومعنى هذا القول: إنه -جل وعلا- مستو على عرشه فوق جميع خلقه، مع أنه يعلم سر أهل الأرض، وجهركم لا يخفى عليه شيء من ذلك.