وقال أبو يوسف ومحمد: ليس في شيء من الخضر زكاة إلا ما كانت له ثمرة باقية سوى الزعفران ونحوه مما يوزن، ففيه الزكاة. وكان محمد يعتبر في العصفر والكتان البزر، فإذا بلغ بزرهما من القرطم والكتان خمسة أوسق كان العصفر والكتان تبعاً للبزر، وأخذ منه العشر، أو نصف العشر، وأما القطن فليس عنده فيما دون خمسة أحمال شيء، والحمل ثلاثمائة من بالعراقي، والورس والزعفران ليس فيما دون خمسة أمنان منهما شيء، فإذا بلغ أحدهما خمسة أمنان كانت فيه الصدقة، وقال أبو يوسف: وكذلك قصب السكر الذي يكون منه السكر، ويكون في أرض العشر، دون أرض الخراج فيه ما في الزعفران، وأوجب عبد الملك بن الماجشون الزكاة في أصول الثمار دون البقول، وهو مخالف لما عليه أهل مذهبه مالك وأصحابه. قاله القرطبي.
تنبيه
من قال: لا زكاة في الرمان -وهم جمهور العلماء- ومن قال: لا زكاة في الزيتون يلزم على قول كل منهم أن تكون الآية التي نحن بصددها، التي هي قوله تعالى:{وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} منسوخة أو مراداً بها غير الزكاة؛ لأنها على تقدير أنها محكمة، وأنها في الزكاة المفروضة لا يمكن معها القول بعدم زكاة الزيتون والرمان؛ لأنها على ذلك صريحة فيها؛ لأن المذكورات في قوله تعالى:{وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} يرجع إلى كلها الضمير في قوله: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} وقوله: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} كما هو واضح لا لبس فيه،