يسقط منه قدر ما ينقصه الجفاف، فلو كان فيه خمسة أوسق من العنب أو الرطب، وإذا جف كانت أربعة أوسق مثلاً فلا زكاة فيه؛ لأن النصاب معتبر من التمر والزبيب اليابسين، لا من الرطب والعنب، وإذا خرص على الوجه الذي ذكرنا خلى بين مالكيه وبينه، وبعد الجذاذ يأتون بقدر الزكاة على الخرص المذكور تمراً أو زبيباً، وبذلك يحصل الجمع بين الاحتياط للفقراء والرفق بأرباب الثمار، فإن أصابته بعد الخرص جائحة اعتبرت وسقطت زكاة ما اجتاحته الجائحة، فإن بقي بعدها خمسة أوسق فصاعداً أخرج الزكاة وإلا فلا، ولا خلاف في الجائحة بعد الخرص بين العلماء.
وممن قال بخرص النخيل والأعناب الأئمة الثلاثة: مالك، والشافعي، وأحمد -رحمهم الله تعالى- وعمر بن الخطاب، وسهل بن أبي حثمة، ومروان، والقاسم بن محمد، والحسن، وعطاء والزهري، وعمرو بن دينار، وعبد الكريم بن أبي المخارق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأكثر أهل العلم كما نقله عنهم ابن قدامة في المغني، وحكي عن الشعبي أن الخرص بدعة. ومنعه الثوري، وقال أبو حنيفة وأصحابه: الخرص ظن وتخمين لا يلزم به حكم، وإنما كان الخرص تخويفاً للقائمين على الثمار لئلا يخونوا، فأما أن يلزم به حكم فلا.
قال مقيده - عفا الله عنه -: لا يخفى أن هذا القول تبطله نصوص السنة الصحيحة الصريحة، فمن ذلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: