للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هلكت بحريق وقع في الجرين في وقت كذا، وعلمنا أنه لم يحترق في ذلك الوقت لم يلتفت إلى كلامه، فإن علم وقوع السبب الذي ذكر، وعموم أثره صدق بلا يمين، وإن اتهم حلف، قيل: وجوباً، وقيل: استحباباً. وإن لم يعرف عدم السبب المذكور ولا وجوده فالصحيح أنه يكلف بالبينة على وجود أصل السبب، ثم القول قوله في الهلاك به، وهذا التفصيل الأخير للشافعية. ذكره النووي في شرح المهذب، ووجهه ظاهر، والله تعالى أعلم.

وجمهور العلماء على أنه لا يخرص غير التمر، والزبيب، فلا يخرص الزيتون والزرع ولا غيرهما، وأجازه بعض العلماء في الزيتون، وأجازه بعضهم في سائر الحبوب. والصحيح أنه لا يجوز إلا في التمر والعنب لثلاثة أمور:

الأول: أن النص الدال على الخرص لم يرد إلا فيهما، كما تقدم في حديث عتاب بن أسيد وغيره من الأحاديث.

الثاني: أن غيرهما ليس في معناهما؛ لأن الحاجة تدعو غالباً إلى أكل الرطب قبل أن يكون تمراً، والعنب قبل أن يكون زبيباً، وليس غيرهما كذلك.

الثالث: أن ثمرة النخل ظاهرة مجتمعة في عذوقها، والعنب ظاهر أيضاً مجتمع في عناقيده، فحزرهما ممكن، بخلاف غيرهما من الحبوب، فإنه متفرق في شجره، والزرع مستتر في سنبله.

والظاهر أن ما جرت العادة بالحاجة إلى أكله لا يحسب، لما قدمنا، وقال المالكية: يحسب عليهم كلما أكلوه من الحب، ولا