ثم قال: وروي عن ابن عمر أنه سئل عن لحوم السباع فقال: لا بأس بها. فقيل له: حديث أبي ثعلبة الخشني. فقال: لا ندع كتاب ربنا لحديث أعرابي يبول على ساقيه، وسئل الشعبي عن لحم الفيل، والأسد. فتلا هذه الآية.
وقال القاسم: كانت عائشة تقول لما سمعت الناس يقولون: حرم كل ذي ناب من السباع: ذلك حلال. وتتلو هذه الآية:{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} الآية.
قال مقيده - عفا الله عنه -: اعلم أنا نريد في هذا المبحث أن نبين حجة من قال بعدم تحريم لحوم السباع والحمر ونحوها، وحجة من قال بمنعها، ثم نذكر الراجح بدليله.
واعلم أولاً: أن دعوى أنه لا يحرم مطعوم غير الأربعة المذكورة في هذه الآية باطلة بإجماع المسلمين؛ لإجماع جميع المسلمين، ودلالة الكتاب والسنة على تحريم الخمر، فهو دليل قاطع على تحريم غير الأربعة.
ومن زعم أن الخمر حلال لهذه الآية فهو كافر بلا نزاع بين العلماء.
وإذا عرفت ذلك فاعلم أن الذين استدلوا بهذه الآية على عدم تحريم ما ذكر قالوا: إن الله حصر المحرمات فيها في الأربعة المذكورة، وحصرها أيضاً في النحل فيها في قوله:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ} لأن إِنَّمَا أداة حصر عند الجمهور، والنحل بعد الأنعام، بدليل قوله في النحل: