{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ} الآية. والمقصوص المحال عليه هو المذكور في الأنعام في قوله:{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} الآية، ولأنه تعالى قال في الأنعام:{سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} الآية. ثم صرح في النحل بأنهم قالوا ذلك بالفعل في قوله:{وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} الآية. فدل ذلك على أن النحل بعد الأنعام. وحصر التحريم أيضاً في الأربعة المذكورة في سورة البقرة في قوله:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} فقالوا: هذا الحصر السماوي الذي ينزل به الملك مرة بعد مرة في مكة في الأنعام، والنحل، وفي المدينة عند تشريع الأحكام في البقرة لا يمكننا معارضته، ولا إخراج شيء منه إلا بدليل قطعي المتن، متواتر كتواتر القرآن العظيم.
فالخمر مثلاً دل القرآن على أنها محرمة فحرمناها؛ لأن دليلها قطعي، أما غيرها كالسباع والحمر والبغال فأدلة تحريمها أخبار آحاد يقدم عليها القاطع، وهو الآيات المذكورة آنفاً.
تنبيه
اعلم أن ما ذكره القرطبي وغيره من أن زيادة تحريم السباع والخمر مثلاً بالسنة على الأربعة المذكورة في الآيات -كزيادة التغريب بالسنة على جلد الزاني مائة الثابت بالقرآن- وزيادة الحكم بالشاهد واليمين في الأموال الثابت بالسنة على الشاهدين -أو الشاهد والمرأتين المذكورة في قوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} الآية. غير ظاهر عندي؛ لوضوح الفرق بين