أَشُدَّهُ} الآية، قد يتوهم غير العارف من مفهوم مخالفة هذه الآية الكريمة -أعني مفهوم الغاية في قوله:{حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} - إنه إذا بلغ أشده فلا مانع من قربان ماله بغير التي هي أحسن، وليس ذلك مراداً بالآية، بل الغاية ببلوغ الأشد يراد بها أنه إن بلغ أشده يدفع إليه ماله إن أونس منه الرشد، كما بينه تعالى بقوله:{فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} الآية.
والتحقيق أن المراد بالأشد في هذه الآية البلوغ، بدليل قوله تعالى:{إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً} الآية.
والبلوغ يكون بعلامات كثيرة: كالإنبات، واحتلام الغلام، وحيض الجارية، وحملها، وأكثر أهل العلم على أن سن البلوغ خمس عشرة سنة. ومن العلماء من قال: إذا بلغت قامته خمسة أشبار، فقد بلغ، ويروى هذا القول عن علي، وبه أخذ الفرزدق في قوله يرثي يزيد بن المهلب:
ما زال مذ عقدت يداه إزاره ... فسما فأدرك خمسة الأشبار
يدني خوافق من خوافق تلتقي ... في ظل معتبط الغبار مثار
والأشد قال بعض العلماء: هو واحد لا جمع له كالآنك، وهو الرصاص، وقيل: واحده شد، كفلس وأفلس. قاله القرطبي وغيره، وعن سيبويه أنه جمع شدة، ومعناه حسن؛ لأن العرب تقول: بلغ الغلام شدته إلا إن جمع الفعلة فيه على أفعل غير معهود، كما قاله الجوهري، وأما أنعم، فليس جمع نعمة، وإنما هو جمع نعم من قولهم بؤس ونعم. قاله القرطبي: وقال