والثاني: الإيمان بكل ما وصف الله به نفسه في كتابه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لا يصف الله أعلم بالله من الله {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُُ} ولا يصف الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال فيه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} فمن نفى عن الله وصفاً أثبته لنفسه في كتابه العزيز، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - زاعماً أن ذلك الوصف يلزمه ما لا يليق بالله جل وعلا، فقد جعل نفسه أعلم من الله ورسوله بما يليق بالله جل وعلا. سُبْحَانَكَ هذا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ! .
ومن اعتقد أن وصف الله يشابه صفات الخلق فهو مشبه ملحد ضال، ومن أثبت لله ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - مع تنزيهه جل وعلا عن مشابهة الخلق فهو مؤمن جامع بين الإيمان بصفات الكمال والجلال، والتنزيه عن مشابهة الخلق، سالم من ورطة التشبيه والتعطيل، والآية التي أوضح الله بها هذا هي قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} فنفى عن نفسه جل وعلا مماثلة الحوادث بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} وأثبت لنفسه صفات الكمال والجلال بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} فصرح في هذه الآية الكريمة بنفي المماثلة مع الإتصاف بصفات الكمال والجلال.
والظاهر أن السر في تعبيره بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} دون أن يقول مثلاً: وهو العلي العظيم، أو نحو ذلك من الصفات الجامعة أن السمع والبصر يتصف بهما جميع الحيوانات، فبين أن