الله متصف بهما، ولكن وصفه بهما على أساس نفي المماثلة بين وصفه تعالى، وبين صفات خلقه، ولذا جاء بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} بعد قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ففي هذه الآية الكريمة إيضاح للحق في آيات الصفات، لا لبس معه ولا شبهة البتة، وسنوضح إن شاء الله هذه المسألة إيضاحاً تاماً بحسب طاقتنا، وبالله جل وعلا التوفيق.
اعلم أولاً: أن المتكلمين قسموا صفاته جل وعلا إلى ستة أقسام:
صفة نفسية، وصفة سلبية، وصفة معنى، وصفة معنوية، وصفة فعلية، وصفة جامعة، والصفة الإضافية تتداخل مع الفعلية؛ لأن كل صفة فعلية من مادة متعدية إلى المفعول كالخلق والإحياء والإماتة فهي صفة إضافية، وليست كل صفة إضافية فعلية، فبينهما عموم وخصوص من وجه، يجتمعان في نحو الخلق والإحياء والإماتة، وتتفرد الفعلية في نحو الاستواء، وتتفرد الإضافية في نحو كونه تعالى كان موجوداً قبل كل شيء، وأنه فوق كل شيء؛ لأن القبلية والفوقية من الصفات الإضافية، وليستا من صفات الأفعال، ولا يخفى على عالم بالقوانين الكلامية والمنطقية أن إطلاق النفسية على شيء من صفاته جل وعلا أنه لا يجوز، وأن فيه من الجراءة على الله جل وعلا ما الله عالم به، وإن كان قصدهم بالنفسية في حق الله الوجود فقط، وهو صحيح؛ لأن الإطلاق الموهم للمحذور في حقه تعالى لا يجوز، وإن كان المقصود به صحيحاً؛ لأن الصفة النفسية في الإصطلاح لا تكون إلا جنساً أو