من جميع القرى بقوله:{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} الآية.
اعلم أولاً أن أكثر العلماء: فرقوا بين الفيء والغنيمة، فقالوا: الفيء: هو ما يسره الله للمسلمين من أموال الكفار من غير انتزاعه منهم بالقهر، كفيء بني النضير الذين نزلوا على حكم النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ومكنوه من أنفسهم وأموالهم يفعل فيها ما يشاء؛ لشدة الرعب الذي ألقاه الله في قلوبهم، ورضي لهم - صلى الله عليه وسلم - أن يرتحلوا بما يحملون على الإبل غير السلاح.
وأما الغنيمة: فهي ما انتزعه المسلمون من الكفار بالغلبة والقهر، وهذا التفريق يفهم من قوله:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} الآية مع قوله: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} فإن قوله تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ} الآية: ظاهر في أنه يراد به بيان الفرق بين ما أوجفوا عليه، وما لم يوجفوا عليه كما ترى، والفرق المذكور بين الغنيمة والفيء عقده الشيخ أحمد البدوي الشنقيطي في نظمه للمغازي بقوله في غزوة بني النضير:
وفيئهم والفيء في الأنفال ... ما لم يكن أخذ عن قتال
أما الغنيمة فعن زحاف ... والأخذ عنوة لدى الزحاف
لخير مرسل .. الخ.
وقوله:"وفيئهم" مبتدأ خبره "لخير مرسل"، وقوله:"الفيء في الأنفال إلخ" كلام اعتراضي بين المبتدأ والخبر، بين به الفرق