وابن عبد البر، والداودي، والمازري، والقاضي عياض، وابن العربي، والأخبار بهذا المعنى متظاهرة، وخالف في ذلك بعض أهل العلم، وهو قول كثير من المالكية، ونقله عنهم المازري -رحمه الله- أيضاً قالوا: للإمام أن يصرف الغنيمة فيما يشاء من الصالح للمسلمين، ويمنع منها الغزاة الغانمين.
واحتجوا لذلك بأدلة، منها قوله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية. قالوا: الْأَنْفَال: الغنائم كلها، والآية محكمة لا منسوخة.
واحتجوا لذلك أيضاً بما وقع في فتح مكة؛ وقصة حنين قالوا: إنه - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة عنوة بعشرة آلاف مقاتل، ومنَّ على أهلها فردها عليهم، ولم يجعلها غنيمة، ولم يقسمها على الجيش، فلو كان قسم الأخماس الأربعة على الجيش واجباً، لفعله - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة؛ قالوا: وكذلك غنائم هوازن في غزوة حنين، أعطى منها عطايا عظيمة جداً، ولم يعط الأنصار منها مع أنهم من خيار المجاهدين الغازين معه - صلى الله عليه وسلم -، وقد أشار لعطاياه من غنائم هوازن في وقعة حنين الشيخ أحمد البدوي الشنقيطي في نظمه للمغازي في غزوة حنين بقوله:
أعطى عطايا شهدت بالكرم ... يومئذ له ولم تجمجم
أعطى عطايا أخجلت دلح الديم ... إذ ملأت رحب الفضا من النعم