اتحاد الفيء والغنيمة، فلو فرق بينهما كما فعل غيره لعلم أن آية الأنفال في الغنيمة، وآية الحشر في الفيء، ولا إشكال.
ووجه بطلان القول المذكور: أن آية {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} الآية نزلت بعد وقعة بدر، قبل قسم غنيمة بدر، بدليل حديث علي الثابت في صحيح مسلم الدال على أن غنائم بدر خمست، وآية التخميس التي شرعه الله بها هي هذه، وأما آية الحشر فهي نازلة في غزوة بني النضير بإطباق العلماء، وغزوة بني النضير بعد غزوة بدر بإجماع المسلمين، ولا منازعة فيه البتة، فظهر من هذا عدم صحة قول قتادة رحمه الله تعالى، وقد ظهر لك أنه -على القول بالفرق بين الغنيمة والفيء - راجع إلى نظر الإمام، فلا منافاة على قوله بين آية الحشر، وآية التخميس إذا رآه الإمام والله أعلم.
مسائل من أحكام هذه الآية الكريمة
المسألة الأولى: اعلم أن جماهير علماء المسلمين على أن أربعة أخماس الغنيمة للغزاة الذين غنموها، وليس للإمام أن يجعل تلك الغنيمة لغيرهم، ويدل لهذا قوله تعالى:{غَنِمْتُمْ} فهذا يدل على أنها غنيمة لهم، فلما قال:{فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} علمنا أن الأخماس الأربعة الباقية لهم، لا لغيرهم، ونظير ذلك قوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} أي: ولأبيه الثلثان الباقيان إجماعاً، فكذلك قوله:{فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} أي: وللغانمين ما بقي، وهذا القول هو الحق الذي لا شك فيه، وحكى الإجماع عليه غير واحد من العلماء، وممن حكى إجماع المسلمين عليه ابن المنذر،