بماذا؟» قلت:(أن يغفر لي) ، كما أنه علم أن الاشتراط إنما يكون قبل البيعة، وأن الشرط بعد القبول والإيجاب لا يعتد به.
ويتفرع عليه: أن من علامات حكمة الرجل، ألايتعجل أمره في الأمور العظيمة، بل يجب أن يتروى ويتدبر عاقبة كل أمر من حيث محاسنه ومساوئه، وأن علامات سفه الرجل وهذا كثير في وقتنا الحاضر العجلة وعدم التروي، وأن يقبل ما لا يطيق القيام به.
د- اعتقاده أن من أتى بالشهادتين على الوجه الأكمل، مع اقترافه بعض الأعمال غير الصالحة، فإن عليه أن يخاف ما فعل، ويعتقد أنه قد يحاسب على تلك الأعمال يوم القيامة، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، فليست الشهادتان تعفي من سؤال الله العبد عن ذنوبه، ولا الذنوب تلغي انتفاع العبد بالشهادتين، والدليل أن عمرو بن العاص رضي الله عنه يأمل في الشهادتين رغم حذره من الذنوب، يقول:(إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) .
هـ- علمه أن مبايعة النبي صلّى الله عليه وسلّم للرجال تكون باليد لقوله:(ابسط يمينك فلأبايعك) .
وتكون باليمين من اليدين.
وعلمه بتحريم النياحة على الميت، واصطحاب النار في الجنازة، وأنه بالوصية بذلك فقد استبرأ لدينه، إن حدث في جنازته مخالفة شرعية، ودليله قوله رضي الله عنه:(فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار) . فما كان قوله هذا لابنه الفقيه عبد الله بن عمرو، ليعلمه تحريم تلك الأمور؛ لأنه لا شك كان على علم بتحريمها، ولكن ذكرها للبراءة منها إن حدثت.
ز- علمه أن الميت، يسمع ما يكون حول قبره لقوله:(ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور) . كما علم أن سؤال الملكين إنما يكون فور نزول الميت قبره؛ لأنه رضي الله عنه أمرهم أن يقيموا حول قبره قليلا، وعلل ذلك بقوله:(وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي) ، ودليل الأمرين، ما رواه البخاري من حديث أنس وفيه:«إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه وإنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه»«١» .
٣- بلاغته وحكمته، في التقسيم والاستقصاء، حيث إنه قد قسم حياته إلى ثلاثة أقسام، راعى فيها أساسا واحدا للتقسيم، وهو تأكده من رضى الله- سبحانه وتعالى- من