{وَهَمَّ بِهَا} وإلى جواز التقديم المذكور ذهب الكوفيون، ومن أعلام البصريين: أبو العباس المبرد، وأبو زيد الأنصاري.
وقال الشيخ أبو حيان في البحر المحيط ما نصه: والذي أختاره أن يوسف عليه السلام لم يقع منه هم بها ألبتة، بل هو منفي لوجود رؤية البرهان؛ كما تقول: لقد قارفت لولا أن عصمك الله. ولا نقول: إن جواب {لَوْلَا} متقدم عليها، وإن كان لا يقوم دليل على امتناع ذلك، بل صريح أدوات الشروط العاملة مختلف في جواز تقديم أجوبتها عليها. وقد ذهب إلى ذلك الكوفيون، ومن أعلام البصريين: أبو زيد الأنصاري، وأبو العباس المبرد.
بل نقول: إن جواب {لَوْلَا} محذوف لدلالة ما قبله عليه، كما يقول جمهور البصريين في قول العرب: أنت ظالم إن فعلت؛ فيقدرونه إن فعلت فأنت ظالم. ولا يدل قوله: أنت ظالم على ثبوت الظلم، بل هو مثبت على تقدير وجود الفعل، وكذلك هنا التقدير: لولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها، فكان وجود الهمّ على تقدير انتفاء رؤية البرهان، لكنه وجد رؤية البرهان فانتفى الهمّ.
ولا التفات إلى قول الزجاج:"ولو كان الكلام ولَهمَّ بها كان بعيدًا، فكيف مع سقوط اللام؟ " لأنه يوهم أن قوله: {وَهَمَّ بِهَا} هو جواب {لَوْلَا} ونحن لم نقل بذلك، وإنما هو دليل الجواب. وعلى تقدير أن يكون نفس الجواب فاللام ليست بلازمة، لجواز أن يأتي جواب {لَوْلَا} إذا كان بصيغة الماضي باللام، وبغير لام، تقول: لولا زيد لأكرمتك، ولولا زيد أكرمتك. فمن ذهب إلى أن قوله:{وَهَمَّ بِهَا} نفس الجواب لم يبعد.