ولا التفات لقول ابن عطية:"إن قول من قال: إن الكلام قد تم في قوله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} كان جواب {لَوْلَا} في قوله: {وَهَمَّ بِهَا} وأن المعنى: لولا أن رأى برهان ربه لهم بها، فلم يهم يوسف عليه السلام. قال: وهذا قوله يرده لسان العرب وأقوال السلف" ا هـ.
أما قوله: يرده لسان العرب فليس كما ذكر، وقد استدل من ذهب إلى جواز ذلك بوجوده في لسان العرب، قال الله تعالى:{إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} فقوله: {إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ}: إما أن يتخرج على أنه الجواب على ما ذهب إليه ذلك القائل، وإما أن يتخرج على ما ذهبنا إليه من أنه دليل الجواب، والتقدير: لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به.
وأما أقوال السلف: فنعتقد أنه لا يصح عن أحد منهم شيء من ذلك؛ لأنها أقوال متكاذبة يناقض بعضها بعضًا، مع كونها قادحة في بعض فساق المسلمين فضلًا عن المقطوع لهم بالعصمة.
والذي روي عن السلف لا يساعد عليه كلام العرب؛ لأنهم قدروا جواب {لَوْلَا} محذوفًا، ولا يدل عليه دليل؛ لأنهم لم يقدروا لهمّ بها، ولا يدل كلام العرب إلا على أن يكون المحذوف من معنى ما قبل الشرط؛ لأن ما قبل الشرط دليل عليه اه. محل الغرض من كلام أبي حيان بلفظه.
وقد قدمنا أن هذا القول هو أجرى الأقوال على لغة العرب، وإن زعم بعض العلماء خلاف ذلك.