للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} قال: الريح يبعثها الله على السحاب فتلقحه فيمتلئ ماء.

وأخرج ابن أبي الدنيا في "كتاب السحاب" وابن جرير، وأَبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه، والديلمي في "مسند الفردوس" بسندٍ ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ريح الجنوب من الجنَّةَ، وهي الريح اللواقح التي ذكر الله في كتابه، وفيها منافع للناس، والشمال من النار تخرج فتمر بالجنة فيصيبها نفحة منها، فبردها هذا من ذلك".

وأخرج ابن أبي الدنيا عن قَتَادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور، والجنوب من الجنَّةَ، وهي الريح اللواقح".

هذا حاصل معنى كلام العلماء في الرياح اللواقح، وقد قدمنا قول من قال: إن اللواقح هي حوامل المطر، وأن ذلك القول يدل له قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا} أي: حملتها، وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يكون للشيء أوصاف فيذكر بعضها في موضع، فإِنّا نبين بقية تلك الأوصاف المذكورة في مواضع أخر، ومثلنا لذلك بظل أهل الجنَّةَ فإنه تعالى وصفه في سورة النساء بأنه ظليل في قوله: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (٥٧)} وقد وصفه بأوصاف أخر في مواضع أخر، وقد بينا صفات ظل أهل الجنَّةَ المذكورة في غير ذلك الموضع كقوله: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} وقوله: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠)} إلى غير ذلك من أوصافه.