ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع نخلًا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الذي باعها إلَّا أن يشترطها المبتاع" متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، فإن بيعت النخل قبل التأبير فالثمرة للمشتري. واختلف في استثناء البائع لها فمشهور مذهب مالك أنَّها كالجنين، لا يجوز للبائع اشتراطها ولا استثناؤها بناء على أن المستثنى مشترى خلافًا لتصحيح اللخمي جواز استثناء البائع لها بناء على أن المستثنى مبقى، وجواز استثنائها هو مذهب الشَّافعي، وأحمد، وأبي حنيفة رحمهم الله تعالى.
قال مقيده -عفا الله عنه-: وهو أظهر عندي؛ لأن كون المستثنى مبقى أظهر من كونه مشترى؛ لأنه كان مملوكًا للبائع، ولم يزل على ملكه؛ لأن البيع لم يتناوله؛ لاستثنائه من جملة المبيع كما ترى. وهذا الذي ذكرنا في هذه المسألة هو الحق إن شاء الله تعالى، فما أبر فهو للبائع إلَّا بشرط، وما لم يؤبر فهو للمشتري إلَّا بشرط خلافًا لابن أبي ليلى القائل: هي للمشتري في الحالين؛ لأنها متصلة بالأصل اتصال خلقة فكانت تابعة له كالأغصان وهذا الاستدلال فاسد الاعتبار؛ لمخالفته لحديث ابن عمر المتفق عليه المذكور آنفًا، فقد صرح فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأَنّ البيع إن كان وقع بعد التأبير فالثمر للبائع، وخلافًا للإمام أبي حنيفة والأوزاعي رحمهما الله تعالى في قولهما: إنها للبائع في الحالين، والحديث المذكور يرد عليهما بدليل خطابه، أعني مفهوم مخالفته؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - "من ابتاع نخلًا قد أبرت" الحديث. يفهم منه أنَّها إن كانت غير مؤبرة، فليس الحكم كذلك، وإلَّا كان قوله: قد أبرت، وقوله: بعد أن تؤبر في بعض الروايات لغوًا لا فائدة فيه، فيتعين أن