للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو الاتفاق من مجتهدي ... الأمة من بعد وفاة أحمد

وبعد وفاته ينقطع النسخ؛ لأنه تشريع، ولا تشريع البتة بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -، وإلي كون العقل والإجماع لا يصح النسخ بمجردهما - أشار في مراقي السعود أيضًا بقوله في النسخ:

فلم يكن بالعقل أو مجرد ... الإجماع بل ينمي إلى المستند

وقوله: "بل ينمي إلى المستند" يعني أنه إذا وجد في كلام العلماء أن نصًا منسوخ بالإجماع، فإنهم إنما يعنون أنه منسوخ بالنص الذي هو مستند الإجماع، لا بنفس الإجماع، لما ذكرنا من منع النسخ به شرعًا. وكذلك لا يجوز نسخ الوحي بالقياس على التحقيق، وإليه أشار في المراقي بقوله:

ومنع نسخ النص بالقياس ... هو الذي ارتضاه جل الناس

أي: وهو الحق.

المسألة الثالثة: اعلم أن ما يقوله بعض أهل الأصول من المالكية والشافعية وغيرهم: من جواز النسخ بلا بدل، وعزاه غير واحد للجمهور، وعليه درج في المراقي بقوله:

وينسخ الخف بماله ثقل ... وقد يجيء عاريًا من البدل

أنه باطل بلا شك. والعجب ممن قال به من العلماء الأجلاء مع كثرتهم، مع أنه خالف مخالفة صريحة لقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} فلا كلام البتة لأحد بعد كلام الله تعالى: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (١٢٢)} {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ