للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قاله صاحب اللسان: وزعم بعض أهل العلم: أن المراد بالرؤيا في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ ... } الآية، رؤيا منام، وأنها هي المذكورة في قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} الآية. والحق الأول.

وركوبه - صلى الله عليه وسلم - على البراق يدل على أن الإسراء بجسمه؛ لأن الروح ليس من شأنه الركوب على الدواب كما هو معروف، وعلى كل حال.

فقد تواترت الأحاديث الصحيحة عنه: أنه أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وأنه عرج به من المسجد الأقصى حتى جاوز السموات السبع.

وقد دلت الأحاديث المذكورة على أن الإسراء والمعراج كليهما بجسمه وروحه، يقظة لا منامًا، كما دلت على ذلك أيضًا الآيات التي ذكرنا. وعلى ذلك من يعتد به من أهل السنة والجماعة، فلا عبرة بمن أنكر ذلك من الملحدين.

وما ثبت في الصحيحين من طريق شريك عن أنس رضي الله عنه: أن الإسراء المذكور وقع منامًا = لا ينافي ما ذكرنا مما عليه أهل السنة والجماعة، ودلت عليه نصوص الكتاب والسنة، لإمكان أن يكون رأى الإسراء المذكور نومًا، ثم جاءت تلك الرؤيا كفلق الصبح فأسرى به يقظة تصديقًا لتلك الرؤيا المنامية. كما رأى في النوم أنهم دخلوا المسجد الحرام، فجاءت تلك الرؤيا كفلق الصبح فدخلوا المسجد الحرام في عمرة القضاء عام سبع يقظة لا منامًا تصديقًا لتلك الرؤيا، كما قال تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا