وذكر القرطبي عن مجاهد: أن المراد بالاضطرار في هذه الآية: الإكراه على أكل المحرم، كالرجل يأخذه العدو فيكرهونه على لحم الخنزير وغيره من معصية الله تعالى، وذكر أن المراد به عند الجمهور من العلماء المخمصة التي هي الجوع كما ذكرنا.
وقد قدمنا أن آية {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ} مبينة لذلك، وحكم الإكراه على أكل ما ذكر يؤخذ من قوله تعالى:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} بطريق الأولى، وحديث:"إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
مسائل تتعلق بالاضطرار إلى أكل الميتة
المسألة الأولى: أجمع العلماء على أن المضطر له أن يأكل من الميتة ما يسد رمقه، ويمسك حياته، وأجمعوا أيضا على أنه يحرم عليه ما زاد على الشبع، واختلفوا في نفس الشبع، هل له أن يشبع من الميتة، أو ليس له مجاوزة ما يسد الرمق، ويأمن معه الموت؟
فذهب مالك -رحمه الله تعالى- إلى أن له أن يشبع من الميتة ويتزود منها، قال في موطئه: إن أحسن ما سمع في الرجل يضطر إلى الميتة، أنه يأكل منها حتى يشبع، ويتزود منها، فإن وجد عنها غنى طرحها.