وقد قدمنا قول من قال من العلماء: إن أخبار الآحاد تعتضد بموافقة الإجماع لها حتى تصير قطعية كالمتواتر، لاعتضادها بالمعصوم، وهو إجماع المسلمين. وأكثر أهل الأصول يقولون: إن اعتضاد خبر الآحاد بالإجماع لا يصيره قطعيًا؛ وإليه الإشارة بقول صاحب مراقي السعود في مبحث أخبار الآحاد:
ولا يفيد القطع ما يوافق الـ ... إجماع والبعض بقطع ينطق
وبعضهم يفيد حيث عولا ... عليه وانفه إذا ما قد خلا
مع دواعي رده من مبطل ... كما يدل لخلافة علي
وقوله: وانفه إذا ما قد خلا .. الخ: مسألة أخرى غير التي نحن بصددها. وإنما ذكرناها لارتباط بعض الأبيات ببعض.
وأما أيمان القسامة مع وجود اللوث: فقد قال بعض أهل العلم بوجوب القصاص بها. وخالف في ذلك بعضهم.
فممن قال بوجوب القود بالقسامة: مالك وأصحابه، وأحمد، وهو أحد قولي الشافعي، وروى عن ابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز. والظاهر أن عمر بن عبد العزيز رجع عنه.
وبه قال أبو ثور، وابن المنذر، وهو قول الزهري، وربيعة، وأبي الزناد، والليث، والأوزاعي، وإسحاق، وداود.
وقضى بالقتل بالقسامة عبد الملك بن مروان، وأبوه مروان. وقال أبو الزناد: قلنا بها وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متوافرون، إني لأرى أنهم ألف رجل فما اختلف منهم اثنان.