ورواه يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار فذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض الأيمان أولًا على أولياء المقتول، فلما أبوا عرض عليهم رد الأيمان على المدعى عليهم، فاشتملت رواية يحيى بن سعيد على زيادة من ثقة حافظ فوجب قبولها.
وقد ذكر البخاري رحمه الله رواية سعيد بن عبيد (في باب القسامة) وذكر رواية يحيى بن سعيد (في باب الموادعة والمصالحة مع المشركين) وفيها: "تحلفون وتستحقون قاتلكم" أو "صاحبكم" الحديث. والخطاب في قوله "تحلفون وتستحقون لأولياء المقتول".
وجزم بما ذكرنا من تقديم رواية يحيى بن سعيد المذكورة على رواية سعيد بن عبيد = ابن حجر في الفتح وغير واحد؛ لأنها زيادة من ثقة حافظ لم يعارضها غيرها فيجب قبولها، كما هو مقرر في علم الحديث، وعلم الأصول.
وقال القرطبي في تفسيره في الكلام على قوله تعالى:{فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا .. } الآية؛ وقد أسند حديث سهل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بدأ المدعين: يحيى بن سعيد، وابن عيينة، وحماد بن زيد، وعبد الوهاب الثقفي، وعيسى بن حماد، وبشر بن المفضل، فهؤلاء سبعة. وإن كان أرسله مالك فقد وصله جماعة الحفاظ، وهو أصح من حديث سعيد بن عبيد.
وقال مالك رحمه الله (في الموطإ) بعد أن ساق رواية يحيى ابن سعيد المذكورة: الأمر المجتمع عليه عندنا، والذي سمعته ممن أرضى في القسامة، والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث: أن يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة فيحلفون اهـ